Monday, January 17, 2011

عندما تنحاز الصحافة



-
للحقيقة دائما ثلاثة وجوه .. وجهها الذي فيه الحياد لا غلوٌ فيه ولا تفريط .. والوجهان الآخران المبالغ فيهما .. فوجه يزيدُ في الإطراء ووجه يزيدُ في الذم والنقد .

فماذا يجب أن يكون عليه الإعلام والصحافة !؟

في اعتقادي أن الأخبار ما سميت أخباراً إلا للإِخبار .. حتى أن لفظ الإعلام ذاته سُمي إعلاماً لأنه يُعْلِم .. أي أن يكون في الحياد .. أي أنه مجرد ناقل لما يحدث .. وسيط فيما يكتب .. لكن أن يقحم وجهة نظره في الحقيقة وينظر لها من منظاره هو لينقلها للآخرين برؤيته .. فهذا هو الغش الإعلامي .. الذي هو أسوأ من غش اللبن بمقدار من يصل إليهم الخبر ..

ولا أسميها براعة أو مهارة أن ينقل الإعلامي ( الغشاش ) الحقيقة من الجانب الذي يريد .. فيجعل الزفت ورداً ويجعل الورد زفتاً وذلك ليطابق توجهه و يتماشى مع وجهة نظره .. فحسب اعتقادي كلنا يُجيد هذه المهنة وليست من الصعوبة بمكان أن أقول على الزفت أنه صالح لكل وقت وكل بناء وأنه لا غنى عنه لاستخدامات عدة ثم أُعددها وكذلك من السهل أن أقول على الورد أن به شوك وأنه لا يلبث أياماً ثم يذبل .. فالغش في النقل سهلٌ أيضاً كما الغش في اللبن .. ليس أكثر من أن تضع عليه الماء .

بل إن هذا الإنحياز فى نقل الخبر قد يُعتبر من شهادة الزور .. إن لم تكن هي شهادة الزور بعينها في بعض الأخبار ..

ويتعدى تحيز الرأي وتأويله على حسب الهوى الكلمات إلى الصور .. وليس شرطاً أن يتم اللعب بالصورة والتعديل فيها بالبرامج المختصة بذلك وإنما قد تكون الصورة حقيقتها شئ وتعليق الصحفي لها شئ آخر تماماً .. وذلك أيضاً حتى يُدلل بالصورة على رأيه .

وتظهر خطورة ما يفعله الصحفيّ الغاش لقراءه عندما يَقرأُ له من ليس له خلفيه عما يكتب .. فيشوشر الحقائق ويلبسها عليه وقد ترسخ الحقيقة عند القارئ بالمقلوب ومن ثم يصبح من أنصار هذه الحقيقة المزيفة ومن داعميها .. فإذا استطعنا نحن أن نفرق بين المتحيز والمحايد فليس الجميع يستطيع !

ليس هذا فقط .. بل إن ما يكتبه هذا الصحفيّ الآن قد يكون شاهداً على التاريخ في يوم من الأيام .. ويتم الرجوع إليه على أنها الحقيقة .. وهي ليست بحقيقة !

فبهذا هو ظالم لجيله ولمن أتى بعده بتغييره للحقائق ..